أبيات شعر عن الصبر للمتنبي

أبيات شعر عن الصبر للمتنبي، إن المتنبي (شاعر الحكمة والقوة) ترك لنا إرث عظيم من الشعر الذي يعبر عن عمق التجربة الإنسانية، ومن بين موضوعاته البارزة كان الصبر حاضر بقوة في أبياته، حيث صوره كصفة عظيمة تعكس الشجاعة والثبات أمام التحديات، وفي هذا المقال نستعرض أجمل أبيات المتنبي عن الصبر وما تحمله من معاني ملهمة ودروس خالدة.

أبيات شعر عن الصبر للمتنبي

أبيات المتنبي عن الصبر تحمل معاني عميقة تصف قوة الإنسان في تحمل المصاعب وتبرز دور الصبر في تحقيق النجاح، ومن أهم أشعاره التي تتحدث عن الصبر:

القصيدة الأولى

ثلاث يعز الصب عند وقوعها،

ويذهل عنها عقل كل لبيب،

خروج اضطرار من بلاد يحبها،

وفرقة أحباب وفقد حبيب.

الدهر أدبني والصبر رباني،

والقوت أقنعني واليأس أغناني،

وحنكتني من الأيام تجربة،

حتى نهيت الذي قد كان ينهاني.

إذا ما أتاك الدهر يوما بنكبة،

فافرغ لها صبرا ووسع لها صدرا،

فإن تصاريف الزمان عجيبة،

فيوما ترى يسرا ويوما ترى عسرا.

الصبر أولى بوقار الفتى،

من قلق يهتك ستر الوقار.

فصبرا فليس الأجر إلا لصابر،

على الدهر إن الدهر لم يخل من خطب.

إذا لم تستطع للرزء دفعا،

فصبرا للرزية واحتسابا،

فما نال المنى في العيش إلا،

غبي القوم أو فطن تغابى.

فالصبر أجمل ثوب أنت لابسه،

لنازل والتعزي أحسن السنن.

إذا عل صبر المرء فيما ينوبه،

فلا بد من أن يستكين ويجزعا.

صبرا جميلا على ماناب من حدث،

والصبر ينفع أحيانا إذا صبروا.

الصبر أفضل شيء تستعين به،

على الزمان إذا ما مسك الضرر.

القصيدة الثانية

لِعَينَيكِ ما يَلقى الفُؤادُ وَما لَقي

وَلِلحُبِّ مالَم يَبقَ مِنّي وَما بَقي

وَما كُنتُ مِمَّن يَدخُلُ العِشقُ قَلبَهُ

وَلَكِنَّ مَن يُبصِر جُفونَكِ يَعشَقِ

وَبَينَ الرِضا وَالسُخطِ وَالقُربِ وَالنَوى

مَجالٌ لِدَمعِ المُقلَةِ المُتَرَقرِقِ

وَأَحلى الهَوى ما شَكَّ في الوَصلِ رَبُّهُ

وَفي الهَجرِ فَهوَ الدَهرَ يُرجو وَيُتَّقي

وَغَضبى مِنَ الإِدلالِ سَكرى مِنَ الصِبا

شَفَعتُ إِلَيها مِن شَبابي بِرَيِّقِ

وَأَشنَبَ مَعسولِ الثَنِيّاتِ واضِحٍ

سَتَرتُ فَمي عَنهُ فَقَبَّلَ مَفرِقي

وَأَجيادِ غِزلانٍ كَجيدِكِ زُرنَني

فَلَم أَتَبَيَّن عاطِلاً مِن مُطَوَّقِ

وَما كُلُّ مَن يَهوى يَعِفُّ إِذا خَلا

عَفافي وَيُرضي الحِبَّ وَالخَيلُ تَلتَقي

سَقى اللَهُ أَيّامَ الصِبا ما يَسُرُّها

وَيَفعَلُ فِعلَ البابِلِيِّ المُعَتَّقِ

إِذا ما لَبِستَ الدَهرَ مُستَمتِعاً بِهِ

تَخَرَّقتَ وَالمَلبوسُ لَم يَتَخَرَّقِ

وَلَم أَرَ كَالأَلحاظِ يَومَ رَحيلِهِم

بَعَثنَ بِكُلِّ القَتلِ مِن كُلِّ مُشفِقِ

أَدَرنَ عُيوناً حائِراتٍ كَأَنَّها

مُرَكَّبَةٌ أَحداقُها فَوقَ زِئبَقٍ

عَشِيَّةَ يَعدونا عَنِ النَظَرِ البُكا

وَعَن لَذَّةِ التَوديعِ خَوفُ التَفَرُّقِ

نُوَدِّعُهُم وَالبَينُ فينا كَأَنَّهُ

قَنا اِبنِ أَبي الهَيجاءِ في قَلبِ فَيلَقِ

قَواضٍ مَواضٍ نَسجُ داوُودَ عِندَها

إِذا وَقَعَت فيهِ كَنَسجِ الخَدَرنَقِ

هَوادٍ لِأَملاكِ الجُيوشِ كَأَنَّها

تَخَيَّرُ أَرواحَ الكُماةِ وَتَنتَقي

تَقُدُّ عَلَيهِم كُلَّ دِرعٍ وَجَوشَنٍ

وَتَفري إِلَيهِم كُلَّ سورٍ وَخَندَقِ

يُغيرُ بِها بَينَ اللُقانِ وَواسِطٍ

وَيُركِزُها بَينَ الفُراتِ وَجِلِّقِ

وَيُرجِعُها حُمراً كَأَنَّ صَحيحَها

يُبَكّي دَماً مِن رَحمَةِ المُتَدَقِّقِ

فَلا تُبلِغاهُ ما أَقولُ فَإِنَّهُ

شُجاعٌ مَتى يُذكَر لَهُ الطَعنُ يَشتَقِ

ضَروبٌ بِأَطرافِ السُيوفِ بَنانُهُ

لَعوبٌ بِأَطرافِ الكَلامِ المُشَقَّقِ

أحلى أبيات شعر عن الصبر للمتنبي

أجمل أبيات المتنبي عن الصبر تعكس حكمته العميقة، حيث عبر عن قوة التحمل والصمود أمام التحديات بروح شاعرية ملهمة:

القصيدة الأولى

قد هون الصبر عندي كل نازلة،

ولين العزم حد المركب الخشن،

كم مخلص وعلى في خوض مهلكة،

وقتلة قرنت بالذم في الجبن.

أجد الجفاء على سواك مروءة والصبر إلا في نواك جميل،

وأرى تدللك الكثير محببا وأرى قليل تدلل مملولا.

كيف الرجاء من الخطوب تخلصا من بعد ما أنشبن في أظافرا،

أوجدني ووجدان حزنا واحدا متناهيا فجعلنه لي صاحبا،

كذلك ونصبنني غرض الرماة تصيبني محن أحد من السيوف مضاربا،

أظمتني الدنيا فلما جئتها مستسقيا مطرت علي مصائبا.

أصبر ولو زاد الكرب فإنه،

ما نال العلى من طابت نومته،

ومن لم يذق ذق التعب ذق الهوان،

ومن لا يصبر للمرارة يذوقها،

ومن لم يمت بالسيف مات بغيره،

تعددت الأسباب والموت واحد.

القصيدة الثانية

وَشامِخٍ مِنَ الجِبالِ أَقوَدِ

فَردٍ كَيافوخِ البَعيرِ الأَصيَدِ

يُسارُ مِن مَضيقِهِ وَالجَلمَدِ

في مِثلِ مَتنِ المَسَدِ المُعَقَّدِ

زُرناهُ لِلأَمرِ الَّذي لَم يُعهَدِ

لِلصَيدِ وَالنُزهَةِ وَالتَمَرُّدِ

بِكُلِّ مَسقِيِّ الدِماءِ أَسوَدِ

مُعاوِدٍ مُقَوَّدٍ مُقَلَّدِ

بِكُلِّ نابٍ ذَرِبٍ مُحَدَّدِ

عَلى حِفافَي حَنَكٍ كَالمِبرَدِ

كَطالِبِ الثَأرِ وَإِن لَم يَحقِدِ

يَقتُلُ ما يَقتُلُهُ وَلا يَدي

يَنشُدُ مِن ذا الخِشفِ ما لَم يَفقِدِ

فَثارَ مِن أَخضَرَ مَمطورٍ نَدي

كَأَنَّهُ بَدءُ عِذارِ الأَمرَدِ

فَلَم يَكَد إِلّا لِحَتفٍ يَهتَدي

وَلَم يَقَع إِلّا عَلى بَطنِ يَدِ

وَلَم يَدَع لِلشاعِرِ المُجَوِّدِ

وَصفاً لَهُ عِندَ الأَميرِ الأَمجَدِ

المَلِكِ القَرمِ أَبي مُحَمَّدِ

القانِصِ الأَبطالَ بِالمُهَنَّدِ

ذي النِعَمِ الغُرِّ البَوادي العُوَّدِ

إِذا أَرَدتُ عَدَّها لَم تُعدَدِ

وَإِن ذَكَرتُ فَضلَهُ لَم يَنفَدِ

كما تحدثنا من قبل بالتفصيل عن أبيات شعر عن الأخلاق للشافعي

أجمل القصائد الكاملة للمتنبي

إن هذه القصائد التي سنذكرها لكم تعكس عبقريته الشعرية، حيث أبدع في التعبير عن الحياة وخاصة الصبر والطموح بكلمات خالدة:

قصيدة: أظبية الوحش لولا ظبية الأنس

أَظَبيَةَ الوَحشِ لَولا ظَبيَةُ الأَنَسِ

لَما غَدَوتُ بِجَدٍّ في الهَوى تَعِسِ

وَلا سَقَيتُ الثَرى وَالمُزنُ مُخلِفَةٌ

دَمعاً يُنَشِّفُهُ مِن لَوعَةٍ نَفَسي

وَلا وَقَفتُ بِجِسمٍ مُسيَ ثالِثَةٍ

ذي أَرسُمٍ دُرُسٍ في الأَرسُمِ الدُرُسِ

صَريعَ مُقلَتِها سَآلَ دِمنَتِها

قَتيلَ تَكسيرِ ذاكِ الجَفنِ وَاللَعَسِ

خَريدَةٌ لَو رَأَتها الشَمسُ ما طَلَعَت

وَلَو رَآها قَضيبُ البانِ لَم يَمِسِ

ما ضاقَ قَبلَكِ خَلخالٌ عَلى رَشَأٍ

وَلا سَمِعتُ بِديباجٍ عَلى كَنَسِ

إِن تَرمِني نَكَباتُ الدَهرِ عَن كَثَبٍ

تَرمِ اِمرَأً غَيرَ رِعديدٍ وَلا نَكِسِ

يَفدي بَنيكَ عُبَيدَ اللَهِ حاسِدُهُم

بِجَبهَةِ العيرِ يُفدى حافِرُ الفَرَسِ

أَبا الغَطارِفَةِ الحامينَ جارَهُمُ

وَتارِكي اللَيثِ كَلباً غَيرَ مُفتَرَسِ

مِن كُلِّ أَبيَضَ وَضّاحٍ عَمامَتُهُ

كَأَنَّما اِشتَمَلَت نوراً عَلى قَبَسِ

دانٍ بَعيدٍ مُحِبٍّ مُبغِضٍ بَهِجٍ

أَغَرَّ حُلوٍ مُمِرٍّ لَيِّنٍ شَرِسِ

نَدٍ أَبِيٍّ غَرٍ وافٍ أَخي ثِقَةٍ

جَعدٍ سَرِيٍّ نَهٍ نَدبٍ رَضاً نَدُسِ

لَو كانَ فَيضُ يَدَيهِ ماءَ غادِيَةٍ

عَزَّ القَطا في الفَيافي مَوضِعُ اليَبَسِ

أَكارِمٌ حَسَدَ الأَرضَ السَماءُ بِهِم

وَقَصَّرَت كُلُّ مِصرٍ عَن طَرابُلسِ

أَيُّ المُلوكِ وَهُم قَصدي أُحاذِرُهُ

وَأَيُّ قِرنٍ وَهُم سَيفي وَهُم تُرُسي

قصيدة: أرق على أرق

أَرَقٌ عَلى أَرَقٍ وَمِثلِيَ يَأرَقُ

وجوى يَزيدُ وعبرة تَتَرَقرَقُ

جُهدُ الصبابة أَن تَكونَ كَما أَرى

عَينٌ مُسَهَّدَةٌ وَقَلبٌ يَخفِقُ

ما لاحَ بَرقٌ أَو تَرَنَّمَ طائِرٌ

إِلّا اِنثَنَيتُ وَلي فُؤادٌ شَيِّقُ

جَرَّبتُ مِن نارِ الهَوى ما تَنطَفي

نارُ الغضى وَتَكِلُّ عَمّا تُحرِقُ

وَعَذَلتُ َهلَ العِشقِ حَتّى ذُقتُهُ

فَعَجِبتُ كَيفَ يَموتُ مَن لا يَعشَقُ

وَعَذَرتُهُم وَعَرَفتُ ذَنبِيَ أَنَّني

عَيَّرتُهُم فَلَقيتُ فيهِ ما لَقوا

أَبَني أَبينا نَحنُ أَهلُ مَنازِلٍ

أَبَداً غُرابُ البَينِ فيها يَنعَقُ

نَبكي عَلى الدُنيا وَما مِن مَعشَرٍ

جَمَعَتهُمُ الدُنيا فَلَم يَتَفَرَّقوا

أَينَ الأَكاسِرَةُ الجَبابِرَةُ الأُلى

كَنَزوا الكُنوزَ فَما بَقينَ وَلا بَقوا

مِن كُلِّ مَن ضاقَ الفَضاءُ بِجَيشِهِ

حَتّى ثوى فَحَواهُ لَحدٌ ضَيِّقُ

خُرسٌ إِذا نودوا كَأَن لَم يَعلَموا

أَنَّ الكَلامَ لَهُم حَلالٌ مُطلَقُ

وَالمَوتُ آتٍ وَالنُفوسُ نَفائِسٌ

وَالمُستَغِرُّ بِما لَدَيهِ الأَحمَقُ

وَالمَرءُ يَأمُلُ وَالحَياةُ شَهِيَّةٌ

وَالشَيبُ أَوقَرُ وَالشَبيبَةُ أَنزَقُ

وَلَقَد بَكَيتُ عَلى الشَبابِ وَلِمَّتي

مُسوَدَّةٌ وَلِماءِ وَجهِيَ رَونَقُ

حَذَراً عَلَيهِ قَبلَ يَومِ فِراقِهِ

حَتّى لَكِدتُ بِماءِ جَفنِيَ أَشرَقُ

أَمّا بَنو أَوسِ اِبنِ مَعنِ اِبنِ الرِضا

فَأَعَزُّ مَن تُحدى إِلَيهِ الأَينُقُ

كَبَّرتُ حَولَ دِيارِهِم لَمّا بَدَت

مِنها الشُموسُ وَلَيسَ فيها المَشرِقُ

وَعَجِبتُ مِن أَرضٍ سَحابُ أَكُفِّهِم

مِن فَوقِها وَصُخورُها لا تورِقُ

وَتَفوحُ مِن طيبِ الثَناءِ رَوائِحٌ

لَهُمُ بِكُلِّ مَكانَةٍ تُستَنشَقُ

مِسكِيَّةُ النَفَحاتِ إِلّا أَنَّها

وَحشِيَّةٌ بِسِواهُمُ لا تَعبَقُ

أَمُريدَ مِثلِ مُحَمَّدٍ في عَصرِنا

لا تَبلُنا بِطِلابِ ما لا يُلحَقُ

لَم يَخلُقِ الرَحمَنُ مِثلَ مُحَمَّدٍ

أَبَداً وَظَنّي أَنَّهُ لا يَخلُقُ

يا ذا الَّذي يَهَبُ الجَزيلَ وَعِندَهُ

أَنّي عَلَيهِ بِأَخذِهِ أَتَصَدَّقُ

أَمطِر عَلَيَّ سَحابَ جودِكَ ثَرَّةً

وَاِنظُر إِلَيَّ بِرَحمَةٍ لا أَغرَقُ

كَذَبَ اِبنُ فاعِلَةٍ يَقولُ بِجَهلِهِ

ماتَ الكِرامُ وَأَنتَ حَيٌّ تُرزَقُ

في الختام تظل أبيات المتنبي عن الصبر مصدر إلهام يعبر عن قوة الإنسان وثباته أمام التحديات، فبكلماته العميقة علمنا أن الصبر ليس مجرد انتظار بل شجاعة وتحمل تقودنا نحو النجاح، ومن خلال شعره نستلهم دروس تبقى خالدة تذكرنا دائما بأن الصبر مفتاح الفرج وأساس القوة الحقيقية.

زر الذهاب إلى الأعلى